منذ أن خطت الخيول أولى خطواتها على رمال الصحراء، والفروسية جزء لا يتجزأ من هوية العربي، تجري في عروقه كما يجري النسب في الدم. ليست الفروسية مجرد رياضة، بل إرثٌ عميق الجذور، ارتبط بالشجاعة، النخوة، والكرامة. وفي قلب البادية، حيث الصفاء والنقاء، وُلد الفارس العربي، لا يعرف الخوف، صديقًا لحصانه، وسيدًا لميدانه.
الفارس في البادية لم يكن مجرد محارب، بل شاعر وراعٍ ورمز للوفاء. والخيل لم تكن وسيلة نقل فحسب، بل كانت رفيقة درب، تُطعم من خير الزاد وتُكرم كأحد أفراد العائلة. كانت القبائل تتفاخر بسلالات خيولها، وتتنافس في ميادين السباق والكرّ والفرّ، لتثبت أن الفروسية مرآة للفروسية الأخلاقية قبل أن تكون مهارة بدنية.
واليوم، لا تزال الفروسية تحافظ على حضورها في المجتمعات الخليجية، وتلقى اهتمامًا واسعًا من المؤسسات والهيئات، إدراكًا لقيمتها التراثية وعمقها الثقافي. ميادين السباق، عروض القدرة، مسابقات القفز، ورياضات مثل البولو والتقاط الأوتاد، كلها تمثل امتدادًا حيًّا لماضٍ عريق يتجدّد.
في مجلة “البادية”، نحن لا نكتب عن الفروسية فحسب، بل نُحييها حرفًا وروحًا، لأنها ليست ماضينا فقط، بل حاضرنا وهويتنا ومستقبلنا. ففي كل فارس، حكاية من المجد، وفي كل فرس، سطور من الكبرياء.